السجن لمهندس بلدية راتبه 14 ألفاً ورصيده 55 مليوناً!
وقع الحدث :-
أدانت المحكمة الجزائية في الرياض، مهندساً في إحدى الأمانات مختصاً باعتماد المخططات العقارية بجريمة الرشوة وغسل الأموال، وأصدرت حكماً بمعاقبته مع أربعة وسطاء ورجال أعمال بالسجن ما مجموعه 25 عاماً في مدد متفاوتة وتغريمهم 250 ألف ريال، ومصادرة مبالغ الرشوة والأموال المحجوزة البالغة نحو مليوني ريال وإيداعها في الخزينة العامة، ومصادرة 55 مليون ريال نتجت عن غسل أموال وُجدت في حساب المهندس المدان، وصادقت محكمة الاستئناف على الحكم بعد تدقيقه مداولةً بحضور الأطراف وبات الحكم نهائياً.
وبحسب المعلومات التي تابعتها «عكاظ»، تتلخّص الوقائع في الدعوى المقامة ضد موظف بلدية يعمل مهندساً مختصاً في اعتماد كروكيات أراضٍ ومخططات، اتهم بالحصول على رشاوى من رجال أعمال وسماسرة مقابل تسريع اعتماد مواقع لعقارات بينها 4 مخططات في 3 أحياء، وشملت التهم 5 سماسرة من الوسطاء ورجال أعمال.
ودلت التحقيقات على أن موظف البلدية أدين بتسريع معاملات، وإنهاء اعتماد كروكيات وقرارات الدرعة لـ 4 مخططات و3 أحياء مملوكة لعقاريين ورجال أعمال مقابل حصوله على مبالغ متفرقة، وهو الفعل المجرّم وفق نظام مكافحة الرشوة بصفته موظفاً عاماً كونه مهندساً مختصاً بالبلدية أخذ رشاوى مقابل إنهاء إجراءات فنية وإجرائية لمخططات عدة على مدى سنوات مضت، وجرى التحقيق مع المتهم في تعاملات بنكية قبل أكثر من 20 عاماً.
مثل المهندس أمام المحكمة عن طريق الاتصال المرئي مع إدارة السجن، كما مثل بقية المتهمين أمام المحكمة عبر الاتصال المرئي عن بُعد، وبعد التأكد من هوياتهم وإفهامهم بحقوقهم النظامية جرى توجيه التهم إليهم وتوضيحها وتزويدهم بصورة من لائحة الدعوى العامة، وأجاب كل واحد من المتهمين بمذكرة جوابية تمثلت بإنكار التهم في المجمل، فيما قدّم المدعي العام نحو 28 دليلاً وقرينة عليهم مطالباً بإثبات إدانتهم بجرائم الرشوة والتوسط وغسل الأموال طبقاً للأنظمة المعمول بها. وذكرت لائحة المدعي العام، أن المبالغ بحسابات المتهم المقدرة بـ 55 مليون ريال لا تتناسب مع دخله الوظيفي، إذ إن راتبه الشهري يبلغ 14 ألف ريال، وبيّنت اللائحة ذاتها أن تدقيق الحسابات البنكية أظهر ورود شيكات وإيداعات نقدية وتحويلات مالية مجهولة المصدر لحسابات المتهم لم يستطع إثبات مصدرها، ما يعزز حصوله على مبالغ مقابل استغلال وظيفته في أعمال غير مشروعة.
المتهم: عملت في الطوافة والسمسرة
أجاب موظف البلدية أمام المحكمة أن وضعه المادي ممتاز، كونه كان في المرحلة الثانوية يعمل في الطوافة بالحج، ويبيع ويشتري في العقارات، ويعمل خارج وقت الدوام في إعداد مخططات تطويرية لتقسيم المواقع والمخططات والأراضي بالتعاون مع مكاتب هندسية، وليس لذلك علاقة بوظيفته الحكومية، وأنه استفاد من الانتفاع ببيع خبراته ونتاج معرفته من خلال التعاون مع مكاتب هندسية، وأن لائحة الواجبات الوظيفية لا تمنع ذلك. وأضاف أنه كان يتحصّل على ضعف راتبه من خلال (شطارته) بالعمل خارج وقت الدوام، إضافة إلى حصوله على إرث من والدته عبارة عن عقارات ومبالغ نقدية، يضاف لذلك استثماراته المستمرة في العقارات والأسهم ونشاط المقاولات وبيع الحديد والأعمال التجارية المختلفة، وبيع وشراء العقارات، فضلاً عن مساهمات عقارية وأعمال تجارية وهندسية، وإفراغ أراضٍ بالبيع والشراء وأسهم. وأنكر بقية المتهمين ما نسب إليهم جملةً وتفصيلاً، وقدّموا مذكرات جوابية على لائحة الاتهام، وطالبوا برد الدعوى لسلامة موقفهم.
المحكمة تفحص وتقرر
درست المحكمة الأدلة والقرائن المقدّمة ضد المتهمين من الادعاء، وأكملت ما يلزم نحو فحص الأدلة وتدقيق التقارير المرفقة في المعاملة، إضافة إلى صور الحوالات والأرصدة للمتهمين بما تطمئن إليه الدائرة القضائية، وخلصت المحكمة إلى إدانة المتهمين بجريمة رشوة موظف بلدية مقابل استغلال وظيفته، إضافة إلى إدانة 4 آخرين من وسطاء ورجال أعمال، وحكمت عليهم جميعاً بالسجن 25 عاماً وغرامة 250 ألف ريال.
المحامي الحكمي: عبء الإثبات على المتهم
قال المحامي حكم الحكمي لـ«عكاظ»: إن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تتولى التحقيق في جرائم الفساد المالي والإداري ومرتكبيها وأطرافها، ومن ذلك القيام بضبط من يشتبه في ارتكابه جرائم الفساد وسماع أقواله والتحفظ عليه وفق المدة المقررة نظاماً، تمهيداً لإحالة الأدلة والمستندات المتصلة بها إلى وحدة التحقيق والادعاء الجنائي في الهيئة؛ لاستكمال الإجراءات النظامية في هذا الشأن. وشدّدت الترتيبات التنظيمية والهيكلية المتصلة على مكافحة الفساد المالي والإدارية، في حال طرأت على ثروة الموظف العام زيادة لا تتناسب مع دخله أو موارده بناءً على قرائن مبنية على تحريات مالية بارتكابه جرائم فساد مالي أو إداري؛ ويكون عبء الإثبات عليه للتحقق من أن ما لديه من أموال نقدية أو عينية تم اكتسابها بطرق مشروعة، ويشمل ذلك الزوج والأولاد وأقاربه حتى الدرجة الأولى، وفي حال عجزه عن إثبات مصدرها تحال نتائج التحريات المالية إلى وحدة التحقيق الجنائي في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد؛ للتحقيق واتخاذ ما يلزم نظاماً لرفع الدعوى الجزائية أمام المحكمة لطلب معاقبته وفق المقتضى الشرعي والنظامي، وتشمل الدعوى طلب استرداد ومصادرة الأموال المتصلة بالجريمة في حال ثبوتها. وأضاف الحكمي أنه يترتب على الحكم الصادر بإدانة أي موظف أو من في حكمه بجريمة جنائية تتصل بالفساد المالي أو الإداري؛ فصله من وظيفته بصرف النظر عن مقدار العقوبة المحكوم بها أو مدتها. وكفل النظام لكل متهم حق الاستعانة بمحامٍ للدفاع عنه وتقديم مذكرات دفوع ملاقية للائحة الاتهام في حين ينعقد الاختصاص لجميع قضايا الفساد المالي والإداري للمحكمة الجزائية في الرياض، التي تنظر كافة القضايا الواردة من جميع مناطق المملكة.
المحامي ملحان: الاتجار بالوظيفة.. رشوة
المحامي نبيل ملحان أوضح لـ«عكاظ»: أن نظام مكافحة الرشوة بيّن أن كل شخص عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على عمل أو أمر أو قرار أو التزام أو ترخيص أو اتفاق توريد أو على وظيفة أو خدمة أو مزية من أي نوع، يعد مرتشياً ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 10 سنوات وبغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يؤثر في قيام الجريمة اتجاه قصد الموظف إلى عدم القيام بالعمل الذي وعد به، وتنطوي عبارة جريمة رشوة عموماً عندما يقوم الموظف بالاتجار بوظيفته والقيام باستغلالها لمصلحته الخاصة